الأربعاء، 21 أكتوبر 2015

أنتَ حتماً تَكْـذبُ، إنْ صَدَقْـت

أنتَ حتماً تَكْـذبُ، إنْ صَدَقْـت
سعيدة تاقي


للتُّولِـيب أكثرُ من حكاية، لو يدرك الخريفُ الأرعن..
ـــــــــ

ـ 1 ـ
غداً
حينَ أحبُّكَ،
أَرجوكَ
لا تَلُمْ قلبي
البليد
إنْ فرَحاً،
بعطايا سمائِكَ
لمْ يُغنِّ.
أنتَ تَدري،
أَنِّي حرْصاً على حبِّكَ
الفَريـد
لمْ أعُدْ أغنّي.

*****

ـ 2 ـ
ورْدُ الصّباحِ
كانَ أحمرَ فاقعاً،
و الغُصنُ غضٌّ،
و المُنى عِـيد.
ورْدُ الظهيرة
لَاح أصفرَ الشّذى،
و الحزنُ غافٍ
و الحُلمُ بعيد.
ورْدُ المساء
باتَ أبيضَ ناصعاً،
لا الليلُ يرنو
للبدءِ الجديد،
و لا الفيضُ حَمى
الرَّوضَ العتيد.

أرجوكَ
لا تُحمِّلني دمَ العِطرِ
فجراً،
قَلَّ ما يكذِبُ الوردُ
حينَ يتلوَّن،
أو يُعـيد.

*****

ـ 3 ـ
ما دُمتَ أمامي
لنْ أنظُرَ خلفي.
موعودةٌ للأمل
في عينَيْـكَ
يُسلِمني
لِقُصُور الغد.
أتَـرى قَـلبي الطِّفل؟
.. أتَرى؟
ما حاجتي للمرايا،
ما دمتَ أمامي
و أنا خلفـكَ
أحمِلُ عُمْري
على كتِفيَّ
و أقْفو خُطاكَ.
ما حاجَتي للـقَـصـيـدِ
ما دُمتَ أنتَ أنْتَ،
و أنا الأنثى،
و الوعدُ يومٌ يَزيد
و الوردُ طِفلٌ وليد.
ما حاجتي للحبِّ
ما دمتَ أنتَ لي
و أنا الأنثى
خلفَكَ ألهثُ
من جمرِ الوعيد.
ما حاجتي إليَّ
ما دُمتَ أنتَ أنا،
و أنا الأنثى
خُنتُ ذاتي
و أسلَمتُـكَ
باسم الحبِّ
طوعاً كلَّ المقاليد.



على رُكْحٍ مُـنْـفـرِد


على رُكْحٍ مُـنْـفـرِد
  سعيدة تاقي

انـتـظار
ارتدتْ فرحَها، و مضتْ.. تُقلِّمُ أوصالَ الساعاتِ.
استكانتْ إلى لهفتها العقاربُ، و انسابتْ تطِلُّ على الأرقامِ في حلقاتِ.
أسدلَتْ الأيـامُ جفنيها على توْقِها الوليد.
و تنحّتْ تبحث جانباً، بين الوجوه عن دفء عابرٍ تُذْكي نارَه، من جديد.



وُصـول
تعثّرت قدمُه و هو يقفز بعجلةٍ الدرج الأخير من القطار قبل أن يتوقّف. كان يفكِّر في النَّعشِ الذي ينتظره مُشرعاً، في القرية النّائية، لدفنِ فرحٍ لم يمْهِلهُ عُسْرُ المخاضِ الأوَّل..
كان يفكِّرُ في الكفَنِ الذي استبدَلَ بياضَ ثوْب العُرْس، و ما فطِنَ للقدَم التي زلَّتْ بحزنهِ إلى الأسفل تحت الحديد.



انصـراف
لم يَع من الوجود غير ماء دافئ و صوت خافت و بعض النور.
و حلَّ الألم..
الصمتُ يعزل كل ذلك الكلام و الصُّراخ المُراقَيْـن خارجاً، لِكَيْ يظلَّ النَّقاء بالداخل عنوان طُهْـرٍ مُـفْـتـقَـد.
أهي أرواحُهم لِشفافـيتِها يَسْهُل احْتِضارُها، أمْ هو الألمُ يُرهِق طيبوبَتهم المُفـرِطة فَـيَكون الموت آخِـر الكَيّ؟!


شاهِدٌ واحِدٌ و القَـبْرُ جَماعي



شاهِدٌ واحِدٌ و القَـبْرُ جَماعي
سعيدة تاقي


إلى ذلك الضمير.
ـــــــــــــــــــــــــــ

نَحْنُ نَحْنُ،
بما نملِـكُ
لا بِما نفـتَـقِد.

***

البُرعُم حينَ يشتـدُّ عُودُه،
يَـنْسى الصُّورة الأُولى.

***

أنت و المَدَى
سنابلُ حريّةٍ مُثْـقَـلَة.
ما أجمَلَـكِ قُيود الوَهْمِ!

***

مضتْ.
... و قَدْ لا تَعُود.
حمَلَـتْ أوزارَ الجميع،
و ما زاورَ مغَانِينَا الفجرُ.

***

تكسَّرَ أخيراً جامِعُهما.
كانا رفيقَـيْـن على مَضض.
الأَّولُ لا سَقْـفَ يُغَطِّيه.
و الثّاني لا صوتَ يخرُقُه.

***

شِئْـنَ الصَّبْرَ و ما شاء غيرَهن.
بعضُ أكْبَادِهن احتَرَق.
و بعضُ أكْبادِهن اختُرِق
و الباقي في ويل الوَهْمِ
يتَرَقْرَق.

***

الضَّلالُ يُرخي ظِلالَهُ ثانية.
منتظَرةً كُنتِ
و ستظلِّين.
***

يُجانِـبُون الفرَحَ في رَقْصِهم.
و يُسَدِّدُون صَوْبَ العازِفِـين البؤساء.

***

الجنّتان ما بادَتَـا.
ماؤُهما غَوْر.

***

للبَحث عن المَعْـنى
تـتـبَعْثَرُ الدلالات.
اليقينُ لن يفتَقِـد جُهَـيْنَة.
***

المُـفـرَدُ متعدِّد.
و الجَمْـعُ واحِد.
***

الأحد، 18 أكتوبر 2015

و أَرْتَـكِـبُـك مِنْ جَـديد..


و أَرْتَـكِـبُـك مِنْ جَـديد..
سعيدة تاقي

مثل الفراشةِ أبتهِلُ لوميضِك و يحرقني اللهيب.
ـــــــــــــــــــــــــ


ـ 1 ـ
قد لا يعنيكَ وجعي.
لا تكترثْ..
واصِل نحْري.
ذنبي كانَ..
ملاحقةَ آثـامك.

ـ 2 ـ
سأحلُم من جديد.
سأبني أعشاشاً
على الشجر..
و أترك للعصافير
أنْ تأخذَ منها
ما تشاء.

ـ 3 ـ
الجُحْر الذي لدَغَني
ألف مرَّة و مرَّة
لم يخدَعني.
قدمي الخائنة
كانت تعشق الخلْخالَ
الذي لا صوتَ له.

ـ 4 ـ
سأحلِّقُ عالياً مثلها
لكن دون جناحين.
سأحلِّقُ عالياً مثلها
لكن دون ريش.
سأحلِّق عالياً مثلها.
و أُقـلٍّم خُدع الجاذبية.

ـ 5 ـ
قديماً..
آمنَتُ بحبِّ جلّادي
لتنكسِرَ مرايا الزنزانة.
نبتَـتْ لربوعِ الوطنِ
طحالِبُ أخرى.

ـ 6 ـ
سأطير عالياً.
لن أرقص كثيراً.
الخلخالُ لم يعد صامتاً.

ـ 7 ـ
الجرحُ الغائر
ليسَ قاتِلاً..
ألا تَرى:
قلبي..
.. تلك الكتلة الحمراء..
ليس في الوسط،
إلى اليسار قليلاً،
ما زالَ ينبض.

ـ 8 ـ
سأرسُمُ في الأعلى
هناك..
حيث سأحلِّق،
قوسَ قزحٍ جديد.
لا يصرِفُـه الماءُ
و لا تذيبُه الشمس.
و لا تلتَقِــمُهُ
أفواه الرصاصاتِ
الجائعة.

ـ 9 ـ
في الأسفل
سأصفع البابَ خلفي،
و أمضي.
لا تكتَرثْ لغيابي.
قلبي ما زال ينبض
خلف الشلّال الهادِر.
و جِيدي ما زال شامخاً
فوق الشرخ الأحمر.
لا تكترث.
أنا سأمضي..
و حسب.

ـ 10 ـ
في الأعلى..
سأتركُ القُزَح ينثُـر
ألوانَه في كلِّ خفقةٍ،
و أحلِّق من جديد.
سأحلِّق من جديد
سأحلُم من جديد..
قد أرتَكِـبُكَ من جديد..
أبوابُ السّماء
ما زالت مفتوحة.