السبت، 10 سبتمبر 2011

ضمير غائب



مرّت عابرةً في حياته.. لكنها كانت تسلب منه في كل مرور ابتسامة..
 لم يكن يملك أن يقاومها..  بإصرار غريب كان يتابع كل حركاتها..
 في البداية لم يهمه أن يعرف اسمها ، كان مكتفيا بإطلالتها يشرق بها صباحه.. لاحقاً رغب في أن يعرف من تكون، لكنه خشي أن يغيب البهاء حين تدركُ وجوده المتلصِّص على عفويتها.. في النهاية لم يعد الأمر مهِّما لأنها اختفت دون أن تترك أثراً يدلُّه على ديارها..
كانت الابتسامة المرسومة على شفتيه غنيمتَه الصباحية ،التي تعيد إليه الرغبة في مواصلة البحث عن غد أفضل..
لم تعد أيامه متشابهة ، منذ أطل محيّاها الجميل ذات صباح خريفي..
.. أصبح يمقت نهاية الأسبوع.. ودَّ لو استطاع حذفها لفرط ما كانت مملّة و محبطة..
 و رغم أنه متيقن من أنها لن تعبر من أمام المقهى صباح السبت و الأحد، لم يكن يخلف موعده أو استئثاره بالطاولة المحاذية للمدخل و المطلّة بسخاء على ناصية الشارع..
شاء القدر أن تعبر بجوار تلك الطاولة في أول اكتشافه لذلك المقهى.. فواظب على اعتياد عبورها البهي.. و واظب على تصفّح كل الجرائد المتاحة للزبناء، مقابل الدراهم التي كانت تمدُّه بها أمه خلسة من أبيه..
لم يكن يشعر بالانزعاج.. كان لأول مرة منذ حصوله على الإجازة متفائلاً؛ فإن لم تمنحه الإجازة جوازا لاقتحام سوق العـمل، ستجيز له طاولتُه الأثيرة البحثَ بين الإعلانات عن فرصة للتجرؤ و اقتحام وحدة تلك البهية الهاربة..

دامت ابتسامته ما دامت إطلالتها.. لكنها اختفت.. و اختفت معها ابتسامته...
لم ييأس ظل ينتظرها يوما بعد يوم..
 مر الأسبوع الأول و لم تعد..
واصل الانتظار في الأسبوع الثاني..
 الأسبوع الثالث فارق طاولته الأثيرة ليتنقَّل بين الطاولات الأخرى تلبية لطلبات الزبائن..
الأسبوع الرابع و هو يتوجه إلى طاولته القديمة لتلبية نداء زبون، وجدها أمامه بكل بهائها، كانت مشرقةً أكثر من المعتاد، أو هكذا بدت له بعد طول الغياب..
ـ قهوة نص نص ليا و باناتشي للمدام.
انفتحت أساريره كرهاً، لكنها لم تكن ابتسامةً تلك التي افْـترتْ عنها شفاهه، كانت ضحكةً مدوِّية تردَّد صداها في كل المقهى..
                                                                19-07-2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق